يعد التنمر أحد أكثر الظواهر السلبية انتشارا في العديد من المجتمعات وخصوصا بين الأطفال والمراهقين سواء كانت في المدارس أو أماكن العمل أو حتى عبر شبكة الإنترنت وغالبا ما يُنظر إلى الشخص المتنمر على أنه فرد عدواني وقوي جسديا أو نفسيا يستغل هذه القوة لإخضاع الآخرين وإيذائهم سواء بالأقوال أو الأفعال.
يمكن تعريف التنمر على أنه سلوك عدواني متكرر يهدف إلى إيذاء الأشخاص الآخرين بشكل جسدي أو نفسي أو عاطفي.
في هذه المقالة سنحاول إلقاء الضوء على هذه الظاهرة ولكن من منظور الشخص المتنمر.
إن فهم التنمر من وجهة نظر المتنمر يتطلب النظر إلى مجموعة معقدة من عدة عوامل منها عوامل نفسية واجتماعية وبيولوجية وثقافية وعلى الرغم من أن المتنمرين يعتبرون مسؤولين عن أفعالهم إلا أن معالجة هذه الظاهرة بفعالية تتطلب توفير الدعم النفسي والاجتماعي من قِبَل الآباء والمربين وذلك لتغيير سلوكياتهم بشكل صحيح وتوفير بيئة صحية أكثر للجميع.
التنمر من منظور الشخص المتنمر
الجوانب النفسية للمتنمر
إن العديد من الدراسات تشير إلى أن الشخص المتنمر يعاني من العديد من المشكلات النفسية التي قد تتراوح بين القلق والاكتئاب إلى انخفاض تقدير الذات فالمتنمر قد يلجأ إلى التنمر كوسيلة للتعبير عن مشاعره السلبية أو لتعزيز صورته الذاتية أمام نفسه وأمام الآخرين فعلى سبيل المثال قد يشعر المتنمر بالقوة والتحكم عند السخرية من الآخرين وإيذائهم مما يعوض عن مشاعر العجز و النقص التي يعاني منها وأيضا أثبتت الدراسات أن معظم المتنمرين يعانون من اضطرابات شخصية تجعلهم أقل تعاطفا وأكثر عرضة للسلوكيات العدوانية.
الجوانب الاجتماعية للمتنمر
بالتأكيد تلعب العوامل الاجتماعية دورا كبيرا في تكوين شخصية المتنمر فالأفراد الذين ينشأون في بيئة تتسم بالعنف و العلاقات المضطربة يكونون أكثر عرضة للتحول إلى أشخاص متنمرين فيُلاحظ أن الأسر التي تفتقر إلى التواصل الفعال والترابط والدعم العاطفي غالبا ما تساهم في تنمية سلوكيات التنمر عند الطفل بالإضافة إلى أن أغلبية الأطفال الذين يتعرضون للتنمر أو الإساءة في مراحل العمر المبكرة من حياتهم يمكن أن يعيدوا إنتاج هذه السلوكيات كوسيلة للتكيف مع بيئتهم الغير صحية.
العوامل البيولوجية والجينية
أثبتت الدراسات الحديثة أن العوامل البيولوجية والجينية يمكن أن تساهم في تشكيل سلوكيات الشخص المتنمر فمثلا يوجد ارتباط بين ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون والسلوك العدواني للمتنمر ولكن يجب الحذر في تفسير هذه العلاقة لأنه لا يمكن اعتبار الجينات وحدها كعامل مسبب للتنمر بل أن تلك العوامل تتفاعل بشكل كبير ومعقد مع العوامل البيئية والاجتماعية لذا يمكن أعتبار العوامل البيولوجية جزء من مجموعة معقدة من العوامل الأخرى التي تؤثر على السلوك.
تأثير المجتمع والثقافة
إن الثقافة والمجتمع يلعبان دورا هاما وكبيرا في تشكيل سلوكيات الأشخاص في بعض الثقافات فيُلاحظ في بعض الثقافات أن العنف سلوكا مقبولا بل ومطلوبا لتحقيق المكانة الاجتماعية والنجاح من وجهة نظر تلك المجتمعات وأيضا هناك الكثير من وسائل الإعلام وألعاب الفيديو التي تمجد استخدام العنف كسلوك مقبول ومعتاد فكل هذه الأشياء تطبع سلوكيات التنمر عند الطفل لذا فالمجتمع الذي يفتقر إلى القوانين الصارمة التي تردع التنمر تؤدي إلى استمرار تلك السلوكيات وتزيد من اعداد المتنمرين.
بعض النصائح للتعامل مع المتنمر
- التدخل النفسي: يجب توفير العلاج النفسي للشخص المتنمر لمساعدته على فهم دوافعه والتعامل مع مشاعره السلبية بطرق سليمة.
- التربية والتعليم: يجب تعزيز قيم الاحترام والتسامح والتعاطف في المناهج الدراسية بالإضافة إلى تشجيع السلوكيات الإيجابية بين الطلاب ومكافئة أصحاب السلوكيات الجيدة.
- التواصل الأسري: يجب تعزيز الترابط والتواصل الفعال والدعم العاطفي بين أفراد الأسرة لمنع تطور السلوكيات العدوانية والتنمر.
- القوانين والسياسات : يجب وضع القوانين الصارمة والرادعة ضد التنمر والمتنمرين وتطبيقها بفعالية دون تساهل لضمان بيئة آمنة للجميع.