تعد مرحلة المهد مرحلة ذات أهمية كبيرة في حياة الطفل، حيث يتم خلالها وضع الأسس لنموه الجسدي والعقلي والعاطفي والاجتماعي، وتمتد هذه المرحلة من الولادة حتى عمر سنتين، ويكون هناك تطورات سريعة ومهمة تؤثر على مستقبل الطفل، وفي هذا المقال، سنتناول تفاصيل مرحلة المهد، مع الاهتمام بمظاهر النمو المختلفة وأهمية البيئة الداعمة.
- النمو الجسدي
في مرحلة المهد، ينمو الطفل نموًا جسديًا سريعًا، ففي السنة الأولى، يتضاعف وزن الطفل إلى ثلاث مرات تقريبًا ويزداد طوله بمعدل 50%، وتزداد المهارات الحركية تدريجيًا، حيث يبدأ الطفل برفع رأسه في الأشهر الأولى، ثم يتعلم الطفل الجلوس بدون دعم، ثم والزحف، وأخيرًا الوقوف والمشي في نهاية السنة الثانية، كما أن للتغذية السليمة والرعاية الصحية الجيدة دور حيوي في تعزيز هذا النمو السريع، حيث يجب أن يحصل الطفل على الرضاعة الطبيعية أو الصناعية طبقًا لحاجاته.
- النمو الحسي
تتطور الحواس بشكل كبير خلال مرحلة المهد، فعند الولادة، تكون حاسة البصر غير واضحة، لكن الطفل يتمكن من التمييز بين الضوء والظلام والألوان الأساسية، وبحلول الشهر الرابع، يبدأ الطفل في التركيز على الوجوه والأشياء القريبة منه، كما أن حاسة السمع لدى الطفل تكون نشطة منذ ولادته، حيث يتفاعل الطفل مع الأصوات المختلفة ويمكنه أيضًا التعرف على صوت أمه، والتفاعل الدائم مع الطفل عن طريق الحديث والغناء والقراءة يعين على تطوير هذه الحواس بشكل صحي.
- النمو العقلي
النمو العقلي في مرحلة المهد يتضمن تطور في القدرات الإدراكية والمعرفية، ويتعلم الطفل طرق التعرف على الأشكال والألوان والأصوات، ويبدأ الطفل في تطوير مفهوم السبب والنتيجة بواسطة التفاعل مع الألعاب والأشياء المحيطة، ويُظهر الأطفال في هذه المرحلة فضولًا طبيعيًا واستعدادًا لاستكشاف العالم من حولهم، كما أن توفير بيئة محفزة تحتوي على الألعاب والأدوات المناسبة يشجع الطفل على التعلم والنمو العقلي، بالإضافة إلى ذلك، اللعب التفاعلي مع الأهل يساند في تطوير الذاكرة والانتباه لدى الطفل.
- النمو الاجتماعي والعاطفي
يعتمد النمو اجتماعيًا وعاطفيًا في مرحلة المهد بشكل أساسي على التفاعل مع الأهل والمحيطين بالطفل، فالطفل في حاجة إلى أن يشعر بالأمان والحب لتطوير روابط عاطفية قوية، والتفاعل الإيجابي مع الطفل عن طريق الاحتضان والابتسامات والكلمات المشجعة يزيد من شعور الطفل بالثقة والأمان، كما يتعلم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بواسطة البكاء والضحك والإيماءات، ويبدأون في استيعاب ردود أفعال المحيطين بهم، وأيضًا الرضاعة الطبيعية والتلامس الجسدي المستدام يسهمان في تقوية هذه الروابط العاطفية.
- النمو اللغوي
يبدأ النمو اللغوي في مرحلة المهد عن طريق استماع الطفل وتفاعله مع الأصوات المحيطة، وفي الأشهر الأولى، يعبر الأطفال عن احتياجاتهم بواسطة البكاء، ثم يبدأ في إصدار أصوات مختلفة كالغرغرة والهمهمة، والتحدث مع الطفل بشكل دائم وقراءة القصص له يعزز من مهارات الاستماع والفهم لدى الطفل، وبحلول نهاية السنة الثانية، يبدأ الطفل في نطق كلمات بسيطة مثل “ماما” و”بابا”، ويكون للطفل القدرة للتعرف على الأشياء والأشخاص بأسمائهم.
- البيئة الداعمة
البيئة الداعمة توفر العناصر الضرورية الازمه لنمو الطفل بشكل صحي ومتوازن، وتتضمن هذه البيئة الرعاية الصحية المستمرة عن طريق عمل الفحوصات الدورية حتى نضمن تطور الطفل بشكل صحي وسليم، كما أن التغذية السليمة تُعتبر جزءًا رئيسيًا من البيئة الداعمة، حيث أن الطفل في حاجة إلى الرضاعة الطبيعية أو الصناعية المناسبة لنموه الجسدي والعقلي؛ التفاعل الدائم مع الطفل يحسن من نموه اجتماعيًا وعاطفيًا، عن طريق الحديث واللعب والتلامس الجسدي، بالإضافة إلى ذلك، من الواجب تكون البيئة آمنة ومريحة، تسمح للطفل بالنوم جيدًا وتمنحه الراحة، مما يحسن من النمو الجسدي والعقلي للطفل.
- الخلاصة
تُعد مرحلة المهد من أكثر الفترات أهمية في حياة الطفل، حيث يكون فيها تطورات كبيرة في مختلف جوانب النمو، ومن خلال إدراك مظاهر النمو الجسدي والحسي والعقلي والاجتماعي والعاطفي، يتمكن لأهل من تقديم الدعم اللازم لضمان تطور الطفل بشكل صحي وسليم، ومن خلال توفير الرعاية والتغذية المناسبة والتفاعل المستدام، يمكننا أن نعين الطفل على بناء أسس قوية لنمو متوازن ومستدام، مما يبسط ويمهد الطريق لنمو صحي ومستقبل مشرق.