يعتبر معرفة الطفل لأمه وتحديدها من بين الأشخاص الآخرين هو جزء مهم من تطوره العاطفي والمعرفي في الحياة، وتبدأ هذه العلاقة في التكون حتى قبل أن يولد الطفل، وتستمر في التطور بشكل تدريجي بعد الولادة، مما يزيد من ارتباط الطفل بأمه ويؤثر بشكل كبير على صحته النفسية والعاطفية، وفي هذا المقال، سنستعرض متى يبدأ الطفل في التعرف على أمه، والعوامل التي تساعد في تعزيز هذا التعرف، وكيف يمكن للأم دعم هذه العملية.
- التعرف على الأم قبل الولادة
تبدأ العلاقة بين الأم والطفل حتى قبل الولادة، وفي المراحل الأخيرة من الحمل، يبدأ الطفل في التعرف على صوت أمه، وهو أحد أوائل الأصوات التي يتعرف عليها الطفل، كما أن الأصوات التي يسمعها الطفل داخل الرحم، بما في ذلك دقات قلب الأم وصوتها، تعينه في أن يشعر بالأمان والراحة، لذا، عندما يولد الطفل، يكون قد بدأ بالفعل في تكوين ارتباط خاص مع صوت أمه، وهذا يشكل الأساس للتعرف عليها بعد الولادة.
- التعرف على الأم بعد الولادة
يبدأ الطفل في التعرف على أمه من خلال حواسه المختلفة بعد الولادة، فخلال الأسابيع الأولى، يكون الطفل قادرًا على معرفة رائحة أمه، وهو يكون قادرًا على تمييز صوتها بين الأصوات الأخرى، كما أن الرؤية عند الوليد تكون غير مكتملة، ولكن في غضون الأسابيع الأولى، يبدأ الطفل في تعزيز قدرته على الرؤية ويصبح لديه القدرة على تمييز وجه أمه عندما تكون قريبة منه، وهذا التعرف البصري يكتمل عادة خلال الشهر الثاني أو الثالث من عمر الطفل.
- دور التفاعل الجسدي والعاطفي
للتفاعل الجسدي والعاطفي دور كبير في زيادة معرفة الطفل لأمه، فمن خلال الرضاعة الطبيعية، يحتك الطفل جسديًا بأمه، مما يزيد من ارتباطه بها، كما أن هذه اللحظات تسمح للطفل بتثبيت الروابط العاطفية عبر التلامس الجسدي والنظر المباشر في وجه الأم، وبالإضافة إلى ذلك، فإن استجابة الأم السريعة لاحتياجات الطفل، مثل حمله عندما يبكي أو توفير الراحة له، تسهم في تقوية هذا الرابط.
- تعرف الطفل على الأم من خلال التواصل اليومي
حيث يعتبر التواصل اليومي بين الطفل وأمه ذا دور هام في عملية التعرف، فكلما زادت تفاعلات الطفل مع أمه، زاد تعلقه بها وقدرته على التعرف عليها، كما أن التحدث إلى الطفل، الغناء له، واللعب معه يزيد من شعوره بالأمان ويعمق ارتباطه بأمه، وهذه التفاعلات اليومية تعين الطفل على بناء صورة ذهنية متكاملة عن أمه، وتشمل صوتها، رائحتها، ملامح وجهها، وحتى طريقة تفاعلها معه.
- دور الرعاية المستمرة في تعزيز التعرف
فتلعب الرعاية المستمرة دورًا كبيرًا في زيادة قدرة الطفل على التعرف على أمه، فالطفل يعتمد بشكل كبير على الأم لتلبية احتياجاته الأساسية من طعام وراحة وأمان، ومع الوقت، يستوعب الطفل أن أمه هي المصدر الأساسي لهذه الاحتياجات، مما يحفز قدرته على التعرف عليها وربطها بالشعور بالأمان والراحة.
- متى يتأكد التعرف الكامل على الأم؟
في الغالب ما يكون التعرف الكامل على الأم قد تحقق ما بين الشهرين الثالث والسادس من عمر الطفل، وخلال هذه الفترة، يظهر علامات التعلق والارتباط بأمه بشكل واضح، مثل الابتسام عند رؤيتها، أو البكاء عند مغادرتها، أو البحث عنها عندما تكون بعيدة عنه، وهذه العلامات تدل على أن الطفل أصبح يعرف أمه بشكل جيد ويشعر بالارتباط العاطفي الوثيق بها.
- الخلاصة
معرفة الطفل لأمه هي عملية تبدأ حتى قبل الولادة وتتطور بشكل تدريجي بعد ذلك، ومن خلال التعرف على صوت الأم، رائحتها، وملامحها، يبدأ الطفل في بناء علاقة وثيقة مع أمه، وتعتمد على التفاعل الجسدي والعاطفي، كما أن الرعاية المستمرة والتواصل اليومي يلعبان دورًا حاسمًا في زيادة هذا التعرف، مما يؤدي في النهاية إلى تكوين رابط قوي ومستدام بين الطفل وأمه، وهو أمر ضروري لنموه النفسي والعاطفي.