لحظة ولادة الطفل هي لحظة مميزة وهامة بالنسبة للأهل والعائلة بأكملها حيث إنها تمثل بداية رحلة جديدة مليئة بالحب والمشاعر والتحديات والأفراح ومن بين الأشياء التي غالبا ما تلفت الانتباه وتثير القلق لدى الأمهات والآباء هو بكاء الطفل لحظة ولادته ولكن لا داعي للقلق حيث إن بكاء الطفل في هذه اللحظة الحساسة يعتبر رد فعل طبيعي ومهم يشير إلى صحته ونشاطه .
تبدأ عملية بكاء الطفل في حال ولادته وبمجرد خروجه من البيئة الدافئة والمريحة داخل رحم الأم إلى العالم الخارجي البارد والمضطرب ,يثار النظام العصبي للطفل عند تغيير الظروف المحيطة به بشكل مفاجئ مما يتسبب في بكائه ويعتبر هذا البكاءاستجابة طبيعية لهذا التغيير الشديد في البيئة والمكان .
ومع ذلك هناك أسباب أخرى أيضا تشجع الطفل على البكاء عند الولادة وهي :
- تأمين الهواء وتنشيط الرئتين :
عندما يولد الطفل يخرج من بيئة مليئة بالسوائل في رحم الأم إلى بيئة هوائية مختلفة تماما ثم يبدأ بالبكاء ,هذا البكاء يعين الطفل على استنشاق الهواء لأول مرة مما يساعد في تنشيط الرئتين وتوسيعهما وهذا الأمر ضروري لبدء عملية التنفس الطبيعية بعد الولادة ويساهم بشكل كبير في توفير الأكسجين اللازم للطفل .
- تحفيز الدورة الدموية :
حين يبكي الطفل جسده يهتز ويبدأ بالحركة التي تؤدي إلى زيادة نشاطه الحركي مما يساعد على زيادة ضغط الدم وتحفيز الدورة الدموية وهذا الأمر يساعد في توزيع المواد الغذائية والأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم مما يعزز الصحة العامة للطفل ويساعده على التكيف مع الحياة خارج رحم الأم .
- تنظيم درجة الحرارة :
يعمل البكاء عند الطفل الرضيع على زيادة نشاطه الحركي وبالتالي يؤدي إلى زيادة إنتاج الحرارة في جسمه وهذا يساعد في الحفاظ على درجة حرارة جسم الطفل مناسبة خاصة في البيئة الخارجية الباردة وقد يكون التكيف معها تحديا كبير للطفل حديث الولادة .
- تخفيف الضغط عن الجمجمة والرقبة :
في عملية الولادة يمر رأس الطفل الرضيع بممر ضيق في مجرى الولادة مما قد يؤدي إلى ضغط قوي ومؤقت على الجمجمة والرقبة ؛في هذه الحالة البكاء يمكن أن يخفف من هذا الضغط بشكل مؤقت عن طريق تحريك العضلات وتقليل التوتر في هذه المناطق .
- التواصل البدني والعاطفي :
بكاء الطفل هو الطريقة الأولى له في التواصل مع العالم الخارجي حيث إن الطفل يشير من خلال بكائه إلى احتياجاته البدنية مثل الجوع أو الراحة وكذلك يعبر عن مشاعره العاطفية مثل الخوف أو عدم الراحة وهذا التواصل البدني والعاطفي يمكن أن يساعد بشكل كبير الآباء والأمهات في فهم احتياجات الطفل وتلبيتها؛ وتوفير الرعاية والمحبة التي يحتاجها للتأقلم مع بيئته الجديدة .
بالإضافة إلى الأسباب الفسيولوجية , يمكن أن تكون العوامل النفسية والعاطفية أيضًا لها دور كبير في بكاء الطفل عند الولادة والتي تتمثل في شعوره عدم الأمان أو الخوف نتيجة للانفصال المفاجئ عن رحم الأم ودفئه يجب أن يفهم الآباء والأمهات أن بكاء الطفل في هذه اللحظات يرجع إلى مجموعة أسباب طبيعية وأن هذا البكاء جزء طبيعي من تكيفه مع هذا العالم الغير مألوف عليه .
وفي النهاية يجب على الآباء والأمهات أن يكونوا على استعداد تام لتهدئة ودعم طفلهم خلال هذه اللحظات الهامة عن طريق تقديم الراحة والاهتمام والحنان الذي يحتاجونه للتأقلم مع العالم الجديد الذي ولدوا فيه .